اعلم سلمك الله أن الله هو الشافي و أنه خالق الداء والدواء سبحانه وتعالى ، وأنه ما خلق داءً و إلا وخلق له دواء ً من رحمته بعباده علمه من علمه و جهله من جهله . وهنا اتعرض بإذن الله لإسئلة تكررت كثيرا سواء كان ذلك في أذهان المرضى أو غيرهم . وهي ملاحظة تاثير بعض الرقاة أكثر من بعض ، فتجد المريض يذهب عند أحد الرقاة فيتأثرا تأثرا بالغا و تجده يذهب عند آخر فلا يكاد يتأثر من ذلك بشيء ، بل تجد المريض أحيانا يتأثر برقية نفسه أشد من تأثره برقية الراقي ويحصل له الشفاء ، وكذلك من أعجب الأمور أنك تجد أكثر من شخص سحروا بنفس السحر فتجد التأثير على بعضهم أشد من بعض ، فأحدهم تعبان من هذا السحر ليل نهار والآخر لا يكاد يعلم أنه مسحور . و كذلك تجد بعض الرقاة يصيبه التعب والأعياء أحيانا من رقية طفل وكأنه خرج من معركة كبرى يذهب بعدها للنوم مباشرة ، وربما ظل أسبوعا مجهدا بسبب ذلك ، وتجده في أحيان أخرى يقرأ على كثير من الحالات ، فيخرج نشيطا فرحا . فما هو أسباب ذلك كله ؟
اعلم سلمك الله أن الأمر مداره كله على النفوس والقلوب . قال العلامة ابن القيم في (زاد المعاد - (ج 4 / ص 113) ( وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة ) واعلم سلمك الله أن المراد هنا القلوب الضعيفة ضعف تعلقها بالله ، وتوكلها عليه وثقتها بها ، فهذا هو قوة النفس والقلب وضعفه ، واعلم أن بعض العصاة ثقتهم بالله وتوكلهم عليه أفضل من بعض من يصوم النهار و يقوم الليل ،فعند هذا العاصي حسن ظن بالله وثقة به معرفة بصفات ربه الحسنى مما يجعل توكله على الله يكون أكبر سببا لبلوغ حاجاته . قال ابن القيم في ( مدارج السالكين ) - (ج 3 / ص 187) ( [ومنهم ] من يتوكل عليه في حصول الإثم والفواحش فإن أصحاب هذه المطالب لا ينالونها غالبا إلا باستعانتهم بالله وتوكلهم عليه بل قد يكون توكلهم أقوى من توكل كثير من أصحاب الطاعات ولهذا يلقون أنفسهم في المتالف والمهالك معتمدين على الله أن يسلمهم ويظفرهم بمطالبهم )
فاعلم أن الأمر كله مداره على حسن الظن بالله و الثقة بالله والتوكل عليه . قال ابن القيم (مدارج السالكين - (ج 3 / ص 32) ( كلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء له صادق التوكل عليه : فإن الله لا يخيب أمله فيه ألبتة فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل ولا يضيع عمل عامل وعبر عن الثقة وحسن الظن بالسعة فإنه لا أشرح للصدر ولا أوسع له بعد الإيمان من ثقته بالله ورجائه له وحسن ظنه به ) ومن هذا الباب خديجة رضي الله عنها لما جاءها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أم جاءه جبريل عليه السلام قالت لرسلو الله ( والله لا يخزيك الله أبدا ) وهذا من حسن ظنها بربها ، فكان كما قالت لم يخزه الله أبدا ورفع ر سول الله عليه وسلم وسلم مكانا عليا في الدنيا والآخرة .
ولذلك نجد أن هذا الراقي يؤثر أكثر من غيره وهذا المريض يتأثر أكثر من غيره ليس لقوته الجسدية بل لقوة نفسه وقلبه قال ابن تيمية ((جامع المسائل (ج 3 / ص 55) (ومن سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله ) فتجد قوة النفس هذا الراقي تؤثر في الجن والسحر أكثر من غيره . قال ابن القيم (زاد المعاد - (ج 4 / ص 162)( فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه ) ويحصل الصراع بين روح الراقي ونفسه مع الأرواح الخبيثة وكذلك روح المريض معهم .
قال ابن القيم (زاد المعاد - (ج 4 / ص 162)
( وبالجملة فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة وتزيد بكيفية نفسه كانت كيفية نفس الراقي أقوى كانت الرقية أتم واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها . وفي النفث سر آخر فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان . قال تعالى : { ومن شر النفاثات في العقد } وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة وترسل أنفاسها سهاما لها وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شيء من الريق مصاحب لكيفية مؤثرة والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة وإن لم تتصل بجسم المسحور بل تنفث على العقدة وتعقدها وتتكلم بالسحر فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة فتقابلها الروح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرقية وتستعين بالنفث فأيهما قوي كان الحكم له ومقابلة الأرواح بعضها لبعض ومحاربتها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام ومحاربتها وآلتها سواء بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها ولكن من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحس عليه وبعده من عالم الأرواح وأحكامها وأفعالها . والمقصود أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة فأزالته والله أعلم .)
فالمحاربة والمقابلة هي بين نفس الراقي أو المريض مع هذه الأرواح الخبيثة وإنما الجسد الة تبعا لهذه الروح . قال ابن القيم (زاد المعاد - (ج 4 / ص 113) ( وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات ولهذا فإن غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال وأهل البوادي ومن ضعف حظه من الدين وبالجملة فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة التي يكون ميلها إلى السفليات قالوا : والمسحور هو الذي يعين على نفسه فإنا نجد قلبه متعلقا بشيء كثير الالتفات إليه فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات والأرواح الخبيثة إنما تتسلط على أرواح تلقاها مستعدة لتسلطها عليها بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة وبفراغها من القوة الإلهية وعدم أخذها للعدة التي تحاربها بها فتجدها فارغة لا عدة معها وفيها ميل إلى ما يناسبها فتتسلط عليها ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره ) فالضعف هو ضعف التوكل بالله واليقين وحسن الظن به ، فكثير من المرضى لا يحسن الظن بالله ، بل حتى الرقاة ، فتجده يدعو الله أو يتعالج وهو في داخلة نفسه يرى أن الله لن يستجيب له ، و أن حالته صعبة ، بل أنه مستحيل أن يشفى ، ولذلك تجده يكثر من اللهث خلف الخلطات والأعشاب وغيرها من برامج العلاج ويهمل حسن ظنه بالله وثقته به واعتماده عليه ودعاؤه والالحاح عليه بالدعاء .
- قصة وعبرة -
واذكر مريضة كنت أعالجها وكان السحر قد شل قدماها فمكثت سنة لا تمشي بسبب السحر ، فقلت لها ليس لنا إلا الله ، فهل دعوت الله بالشفاء التام ؟ فقالت لي أنا دائم أدعو الله في كل صلاة وركعة ، قلتُ لها بصراحة هل دعوتِ الله بحسن ظن وثقة ويقين أن الله يستجيب لك ؟ قالت لي لا لأني اعلم سوء حالي واستبعد الاستجابة . قلت ُ لها ليست العبرة بحالك ، بل بمن تدعين فهو أكرم الأكرمين ، فادعيه بصدق وحسن ظن وثقة به في الثلث الأخير من الليل حين ينزل الرب تبارك وتعالى نزولا يليق بجلاله . فلماء جاء وقت الثلث الآخر من الليل قامت تدعو بثقة ويقين وحسن الظن بربها ، فوالله لم تأت الساعة 6 صباحا وإلا و قامت تمشي وشفيت من السحر
قال ابن القيم في (الفوائد - (ج 1 / ص 83) (وسر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب علي الله وحده فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون اليها كما لا ينفعه قوله توكلت علي الله مع اعتماده على غيره وركونه اليه وثقته به فتوكل اللسان شيء وتوكل القلب شيء كما أن توبة اللسان مع اصرار القلب شيء وتوبة القلب وان لم ينطق اللسان شيء فقول العبد توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله تبت الي الله وهو مصر على معصيته مرتكب لها )
فهذا هو سبب تأثر بعض المرضى أكثر من بعض بمادة السحر وكذلك تأثير بعض الرقاة أكثر من بعض قال ابن تيمية (رسالة في تحقيق التوكل - (ج 1 / ص 2) (
ومن أنفع الأمور التي تعين على الثقة بالله والتوكل عليه أمرين
الأول معرفة أسماء الله وصفاته والحسنى ، فإنك إذا علمت أن معنى اللطيف و أن أنواع لطفه تعالى لا يمكن حصرها فيلطف بعبده في أمور الداخلية المتعلقة بنفسه ويلطف له الأمور الخارجية فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه من حيث لا يشعر ، فمن ذلك أعرف أمرأة اتصلت بإحد المشايخ تسأله عن حكم رفضها للزواج هل تأثم أم لا ؟ فأجابها الشيخ ثم طلب منها أن يقرأ عليها على الهاتف فصرعت ُ ثم عالجها هذا الشيخ الذي سألته وشفيت لله الحمد و تزوجت ، فهذا لطف من الله بها
والأمر الثاني : التدبر والتفكر في مخلوقات الله تعالى ، فمن ذلك خلقه للبر والبحر ، وعندما ترى أن هذه النملة إذا أخذت طعام الصيف للشتاء و أخذت الحبة لمخزنها وقسمتها نصفين حتى لا تنبت في موضعها ورأيت كيف يرزقها الله سبحانه وتعالى ، فوضت أمرك وعلقت قلبك لمن الأمر بيده وحده سبحانه وتعالى ، فينغبي مطالعة مثل هذه الأفلام الوثائقة عن الخلق والكون التي تزيد في الإيمان ومعرفة الرب تبارك وتعالى
لطالما تأملت حديث عظيم عظيم عظيم !يربي به رسول الله صلى الله عليه وسلم امته ..
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح ".
وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا )
وأختم بهذه الجملة لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال
(ومن سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله )
اعلم سلمك الله أن الأمر مداره كله على النفوس والقلوب . قال العلامة ابن القيم في (زاد المعاد - (ج 4 / ص 113) ( وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة ) واعلم سلمك الله أن المراد هنا القلوب الضعيفة ضعف تعلقها بالله ، وتوكلها عليه وثقتها بها ، فهذا هو قوة النفس والقلب وضعفه ، واعلم أن بعض العصاة ثقتهم بالله وتوكلهم عليه أفضل من بعض من يصوم النهار و يقوم الليل ،فعند هذا العاصي حسن ظن بالله وثقة به معرفة بصفات ربه الحسنى مما يجعل توكله على الله يكون أكبر سببا لبلوغ حاجاته . قال ابن القيم في ( مدارج السالكين ) - (ج 3 / ص 187) ( [ومنهم ] من يتوكل عليه في حصول الإثم والفواحش فإن أصحاب هذه المطالب لا ينالونها غالبا إلا باستعانتهم بالله وتوكلهم عليه بل قد يكون توكلهم أقوى من توكل كثير من أصحاب الطاعات ولهذا يلقون أنفسهم في المتالف والمهالك معتمدين على الله أن يسلمهم ويظفرهم بمطالبهم )
فاعلم أن الأمر كله مداره على حسن الظن بالله و الثقة بالله والتوكل عليه . قال ابن القيم (مدارج السالكين - (ج 3 / ص 32) ( كلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء له صادق التوكل عليه : فإن الله لا يخيب أمله فيه ألبتة فإنه سبحانه لا يخيب أمل آمل ولا يضيع عمل عامل وعبر عن الثقة وحسن الظن بالسعة فإنه لا أشرح للصدر ولا أوسع له بعد الإيمان من ثقته بالله ورجائه له وحسن ظنه به ) ومن هذا الباب خديجة رضي الله عنها لما جاءها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أم جاءه جبريل عليه السلام قالت لرسلو الله ( والله لا يخزيك الله أبدا ) وهذا من حسن ظنها بربها ، فكان كما قالت لم يخزه الله أبدا ورفع ر سول الله عليه وسلم وسلم مكانا عليا في الدنيا والآخرة .
ولذلك نجد أن هذا الراقي يؤثر أكثر من غيره وهذا المريض يتأثر أكثر من غيره ليس لقوته الجسدية بل لقوة نفسه وقلبه قال ابن تيمية ((جامع المسائل (ج 3 / ص 55) (ومن سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله ) فتجد قوة النفس هذا الراقي تؤثر في الجن والسحر أكثر من غيره . قال ابن القيم (زاد المعاد - (ج 4 / ص 162)( فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه ) ويحصل الصراع بين روح الراقي ونفسه مع الأرواح الخبيثة وكذلك روح المريض معهم .
قال ابن القيم (زاد المعاد - (ج 4 / ص 162)
( وبالجملة فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة وتزيد بكيفية نفسه كانت كيفية نفس الراقي أقوى كانت الرقية أتم واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها . وفي النفث سر آخر فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان . قال تعالى : { ومن شر النفاثات في العقد } وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة وترسل أنفاسها سهاما لها وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شيء من الريق مصاحب لكيفية مؤثرة والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة وإن لم تتصل بجسم المسحور بل تنفث على العقدة وتعقدها وتتكلم بالسحر فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة فتقابلها الروح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرقية وتستعين بالنفث فأيهما قوي كان الحكم له ومقابلة الأرواح بعضها لبعض ومحاربتها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام ومحاربتها وآلتها سواء بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها ولكن من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحس عليه وبعده من عالم الأرواح وأحكامها وأفعالها . والمقصود أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة فأزالته والله أعلم .)
فالمحاربة والمقابلة هي بين نفس الراقي أو المريض مع هذه الأرواح الخبيثة وإنما الجسد الة تبعا لهذه الروح . قال ابن القيم (زاد المعاد - (ج 4 / ص 113) ( وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات ولهذا فإن غالب ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال وأهل البوادي ومن ضعف حظه من الدين وبالجملة فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة التي يكون ميلها إلى السفليات قالوا : والمسحور هو الذي يعين على نفسه فإنا نجد قلبه متعلقا بشيء كثير الالتفات إليه فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات والأرواح الخبيثة إنما تتسلط على أرواح تلقاها مستعدة لتسلطها عليها بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة وبفراغها من القوة الإلهية وعدم أخذها للعدة التي تحاربها بها فتجدها فارغة لا عدة معها وفيها ميل إلى ما يناسبها فتتسلط عليها ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره ) فالضعف هو ضعف التوكل بالله واليقين وحسن الظن به ، فكثير من المرضى لا يحسن الظن بالله ، بل حتى الرقاة ، فتجده يدعو الله أو يتعالج وهو في داخلة نفسه يرى أن الله لن يستجيب له ، و أن حالته صعبة ، بل أنه مستحيل أن يشفى ، ولذلك تجده يكثر من اللهث خلف الخلطات والأعشاب وغيرها من برامج العلاج ويهمل حسن ظنه بالله وثقته به واعتماده عليه ودعاؤه والالحاح عليه بالدعاء .
- قصة وعبرة -
واذكر مريضة كنت أعالجها وكان السحر قد شل قدماها فمكثت سنة لا تمشي بسبب السحر ، فقلت لها ليس لنا إلا الله ، فهل دعوت الله بالشفاء التام ؟ فقالت لي أنا دائم أدعو الله في كل صلاة وركعة ، قلتُ لها بصراحة هل دعوتِ الله بحسن ظن وثقة ويقين أن الله يستجيب لك ؟ قالت لي لا لأني اعلم سوء حالي واستبعد الاستجابة . قلت ُ لها ليست العبرة بحالك ، بل بمن تدعين فهو أكرم الأكرمين ، فادعيه بصدق وحسن ظن وثقة به في الثلث الأخير من الليل حين ينزل الرب تبارك وتعالى نزولا يليق بجلاله . فلماء جاء وقت الثلث الآخر من الليل قامت تدعو بثقة ويقين وحسن الظن بربها ، فوالله لم تأت الساعة 6 صباحا وإلا و قامت تمشي وشفيت من السحر
قال ابن القيم في (الفوائد - (ج 1 / ص 83) (وسر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب علي الله وحده فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون اليها كما لا ينفعه قوله توكلت علي الله مع اعتماده على غيره وركونه اليه وثقته به فتوكل اللسان شيء وتوكل القلب شيء كما أن توبة اللسان مع اصرار القلب شيء وتوبة القلب وان لم ينطق اللسان شيء فقول العبد توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله تبت الي الله وهو مصر على معصيته مرتكب لها )
فهذا هو سبب تأثر بعض المرضى أكثر من بعض بمادة السحر وكذلك تأثير بعض الرقاة أكثر من بعض قال ابن تيمية (رسالة في تحقيق التوكل - (ج 1 / ص 2) (
ومن أنفع الأمور التي تعين على الثقة بالله والتوكل عليه أمرين
الأول معرفة أسماء الله وصفاته والحسنى ، فإنك إذا علمت أن معنى اللطيف و أن أنواع لطفه تعالى لا يمكن حصرها فيلطف بعبده في أمور الداخلية المتعلقة بنفسه ويلطف له الأمور الخارجية فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه من حيث لا يشعر ، فمن ذلك أعرف أمرأة اتصلت بإحد المشايخ تسأله عن حكم رفضها للزواج هل تأثم أم لا ؟ فأجابها الشيخ ثم طلب منها أن يقرأ عليها على الهاتف فصرعت ُ ثم عالجها هذا الشيخ الذي سألته وشفيت لله الحمد و تزوجت ، فهذا لطف من الله بها
والأمر الثاني : التدبر والتفكر في مخلوقات الله تعالى ، فمن ذلك خلقه للبر والبحر ، وعندما ترى أن هذه النملة إذا أخذت طعام الصيف للشتاء و أخذت الحبة لمخزنها وقسمتها نصفين حتى لا تنبت في موضعها ورأيت كيف يرزقها الله سبحانه وتعالى ، فوضت أمرك وعلقت قلبك لمن الأمر بيده وحده سبحانه وتعالى ، فينغبي مطالعة مثل هذه الأفلام الوثائقة عن الخلق والكون التي تزيد في الإيمان ومعرفة الرب تبارك وتعالى
لطالما تأملت حديث عظيم عظيم عظيم !يربي به رسول الله صلى الله عليه وسلم امته ..
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح ".
وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا )
وأختم بهذه الجملة لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال
(ومن سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله )